
انتقد الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، قرار نتنياهو مواصلة غزو غزة رغم الإعلان الرسمي للأمم المتحدة حالة المجاعة في القطاع، مؤكداً أن هذا الإصرار يحول الحرب من عمليات عسكرية إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان تستوجب التدخل الدولي الفوري والمحاسبة الجنائية العاجلة
وأوضح مهران في تصريحات لليوم السابع أن إعلان الأمم المتحدة للمجاعة رسمياً في غزة يشكل خط أحمر قانوني لا يمكن تجاوزه، مؤكداً أن أي استمرار للعمليات العسكرية بعد هذا الإعلان يعتبر انتهاكاً جسيماً لأخطر القوانين الدولية ويضع مرتكبيه في مواجهة مباشرة مع العدالة الدولية، مشيراً إلى أن القانون الدولي الإنساني يلزم جميع أطراف النزاع بوقف الأعمال القتالية فوراً عند إعلان المجاعة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود أو شروط
وأكد الخبير الدولي أن إعلان الأمم المتحدة للمجاعة ليس مجرد تقرير إنساني بل وثيقة قانونية ملزمة تغير الوضع القانوني للصراع بشكل جذري، مؤكداً أن هذا الإعلان يستند إلى معايير علمية صارمة تشمل معدلات الوفيات وسوء التغذية ونقص الغذاء، وأن تحقق هذه المعايير يعني أن الوضع في غزة تجاوز كل الخطوط الحمراء الإنسانية والقانونية
وبين مهران أن المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف تحظر صراحة تجويع المدنيين كأسلوب حرب، وأن المادة 8 من نظام روما الأساسي تعتبر تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين وتعمد حرمان السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم جرائم حرب لا تسقط بالتقادم، مؤكداً أن استمرار نتنياهو في العمليات العسكرية رغم إعلان المجاعة يشكل اعترافاً صريحاً بارتكاب هذه الجرائم
وشدد الدكتور مهران على أن إصرار نتنياهو على المضي في غزو غزة بعد إعلان المجاعة رسمياً يرقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية، مؤكداً أن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 تنص في المادة الثانية على أن فرض ظروف معيشية يقصد بها التدمير الجسدي الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو دينية يشكل إبادة جماعية
ولفت إلى أن استمرار الحرب في ظل المجاعة المعلنة رسمياً مع منع وصول المساعدات الإنسانية يؤكد وجود النية الإجرامية لتدمير الشعب الفلسطيني في غزة جسدياً، مشيراً إلى أن التصريحات المتكررة للمسؤولين الإسرائيليين حول تدمير غزة والقضاء على سكانها توفر أدلة واضحة على هذه النية الإجرامية، مما يجعل الوضع مطابقاً تماماً لتعريف جريمة الإبادة الجماعية في القانون الدولي
وحذر أستاذ القانون الدولي من أن استمرار العمليات العسكرية بعد إعلان المجاعة يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني من عدة جوانب قانونية، أولها انتهاك مبدأ التمييز الذي يلزم أطراف النزاع بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، حيث أن المجاعة تؤكد أن المدنيين هم الضحايا الرئيسيون للعمليات العسكرية
وتابع: هذا بالإضافة إلي انتهاك مبدأ التناسب الذي يحظر الهجمات التي قد تسبب خسائر في الأرواح المدنية مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية المتوقعة، مؤكداً أن المجاعة تثبت أن الخسائر المدنية تجاوزت أي ميزة عسكرية محتملة، فضلا عن انتهاك مبدأ الاحتياط الذي يلزم أطراف النزاع باتخاذ كافة الاحتياطات لحماية المدنيين، مشيراً إلى أن استمرار القتال رغم المجاعة يؤكد غياب هذه الاحتياطات تماماً
كما اوضح الدكتور مهران أن إعلان الأمم المتحدة للمجاعة يضع المجتمع الدولي أمام التزامات قانونية صارمة وفورية، أبرزها تطبيق مبدأ المسؤولية عن الحماية الذي يخول الأمم المتحدة التدخل لحماية المدنيين عندما تفشل الدولة في حمايتهم أو تكون هي المرتكبة للجرائم ضدهم
وأشار إلى أن هذا المبدأ يتطلب اتخاذ إجراءات تدريجية تبدأ بالضغوط الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية وتنتهي بالتدخل العسكري إذا لزم الأمر، مؤكداً أن إعلان المجاعة يبرر الانتقال المباشر إلى أقسى هذه الإجراءات لوقف الجريمة المستمرة
وأضاف أن التقاعس عن التدخل الفوري يجعل المجتمع الدولي شريكاً في هذه الجريمة ويقوض مصداقية النظام القانوني الدولي برمته، مؤكدا أن إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب رغم إعلان المجاعة يعرضه شخصياً وحكومته لمساءلة جنائية مباشرة أمام المحكمة الجنائية الدولية، مشددا على أن مبدأ مسؤولية القيادة في القانون الدولي الجنائي يحمل القادة السياسيين والعسكريين المسؤولية الكاملة عن الجرائم المرتكبة تحت إمرتهم أو بعلمهم
ونوه إلى أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ملزم قانونياً بفتح تحقيق فوري في هذه الجرائم وإصدار مذكرات توقيف دولية ضد نتنياهو وكبار المسؤولين في حكومته، خاصة أن إعلان المجاعة يوفر دليلاً موضوعياً قاطعاً على ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي، مؤكداً أن هذه المساءلة ستطال أيضاً الدول التي تقدم الدعم العسكري واللوجستي لإسرائيل رغم علمها بالجرائم المرتكبة
وختم الدكتور مهران تصريحاته بالتأكيد على أن إعلان الأمم المتحدة للمجاعة في غزة وإصرار نتنياهو على مواصلة الحرب يمثل لحظة فاصلة في تاريخ القانون الدولي المعاصر، حيث يختبر مدى جدية المجتمع الدولي في تطبيق قوانينه وحماية المدنيين من الجرائم الجماعية، محذراً من أن التقاعس عن اتخاذ إجراءات حاسمة ضد إسرائيل سيفتح الباب أمام انتهاكات مماثلة في مناطق أخرى من العالم ويحول القانون الدولي إلى مجرد حبر على ورق لا قيمة له في حماية الأبرياء، ودعا الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياتهما التاريخية واتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف هذه المجزرة الإنسانية المستمرة في غزة
إن الوضع في غزة يتطلب تضافر الجهود الدولية للحد من المعاناة الإنسانية المتزايدة، فالصوت الواحد لا يمكن أن يحدث تغييراً حقيقياً، بل يجب أن يتحد المجتمع الدولي في مواجهة هذه الأزمات
من الضروري أن يتم تعزيز الجهود الدبلوماسية لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، فكل لحظة تمر تعني فقدان المزيد من الأرواح. يجب أن تكون هناك استجابة فورية وفعالة لتفادي المزيد من الكوارث الإنسانية
- زاد العزة.. قافلة المساعدات الإنسانية الـ25 من مصر تصل إلى الفلسطينيين
- اجتماع ترامب بشأن غزة بحضور بلير وكوشنر
- إعلام إسرائيلي: واشنطن وتل أبيب تعدّان مقترحاً لإنهاء حرب غزة
- خبير علاقات دولية: دعوة مجلس الأمن لوقف النار في غزة خطوة مهمة تحتاج متابعة دولية
- خبير سياسي: دعوة مجلس الأمن لوقف النار في غزة ضرورية وتتطلب ضغطًا دوليًا