الأكبر فى التاريخ.. حصيلة ضحايا الصحفيين فى غزة تجاوزت حربى أفغانستان وفيتنام

أفادت صحيفة واشنطن بوست أن تحديد نوع المساءلة بشأن قتل إسرائيل للصحفيين الفلسطينيين في غزة يعتبر أمراً معقداً، حيث قارن الوضع في القطاع بأكبر مذبحة شهدتها الذاكرة الحديثة للصحفيين في الفلبين.

وفقاً للصحيفة، لقي 32 صحفياً حتفهم مع 26 آخرين عندما نصب حوالي 100 مسلح كميناً لقافلتهم التي كانت في طريقها للتسجيل مع مرشح معارض في انتخابات قادمة، وكان من المتوقع أن وجود الصحفيين سيضمن درجة من الحماية للوفد، لكن جثثهم أخرجت بعد ثلاثة أيام من حفرة ألقاهم فيها المهاجمون، لتكون حادثة نوفمبر 2009 أسوأ أعمال العنف الانتخابي في الفلبين، وأسوأ هجوم مسجل على الصحفيين في العالم، وقد تصدرت عناوين الصحف العالمية وأثارت ردود فعل سياسية قوية.

أشارت الصحيفة إلى أنه في الفلبين، كانت العدالة بطيئة، حيث تم قتل بعض الشهود الرئيسيين، وطعن كبار السياسيين في أجندات الصحفيين القتلى، لكن قاضياً أصدر في عام 2019 أحكاماً بالسجن المؤبد على بعض أفراد العائلة النافذة التي تقف وراء عمليات القتل مع العديد من شركائها.

ومع ذلك، رأى مراقبون أن هذا التأخير زاد من القلق بشأن فكرة الإفلات من العقاب، وأشارت منظمة مراسلون بلا حدود العام الماضي إلى أن “الفشل المطول في تحقيق العدالة يسلط الضوء على عجز السلطات عن كبح جماح العنف ضد الصحفيين”، وبالفعل قُتل 43 صحفياً في الفلبين بعد تلك الحادثة.

وفي غزة، أظهر إحصاء أجرته لجنة حماية الصحفيين مقتل ما لا يقل عن 189 صحفياً فلسطينياً على يد إسرائيل منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، وهو رقم يتجاوز بكثير حصيلة عقدين من الحرب في أفغانستان، ومن الحرب في أوكرانيا، وحربي فيتنام وكوريا.

ذكرت واشنطن بوست أنه إذا كان السعي لتحقيق العدالة في الفلبين صعباً وطويلاً، فمن المحتمل أن يكون إيجاد أي نوع من المساءلة عن مقتل الصحفيين الفلسطينيين أكثر تعقيداً، إذ لم تصدر أي إدانات حتى الآن بشأن مقتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة، رغم تأكيد تحقيقات متعددة أنها استشهدت برصاص قناص إسرائيلي أثناء تغطيتها الصحفية في الضفة الغربية.

وفي غزة، تحمل إسرائيل حماس مسؤولية أي خسائر في صفوف المدنيين، كما اتهمت بعض الصحفيين بأنهم امتداد لحماس، مما يجعلهم أهدافاً مشروعة.

في الحادثة الأخيرة، استند مسؤولون عسكريون إسرائيليون إلى وجود “كاميرا تابعة لحماس”، وزعموا أن وجود عناصر من حماس في الموقع هو السبب وراء اختيارهم للهدف، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اضطر، في ظل الإدانة الدولية، إلى وصف الوضع بأنه “حادث مأساوي”.

رغم نفي السلطات الإسرائيلية استهداف الصحفيين الفلسطينيين، رحب بعض الصحفيين والمعلقين الإسرائيليين البارزين بهذه الاغتيالات، حيث أبدى زفي يحزكيلي، محلل الشؤون العربية في قناة آي 24، فرحه بنبأ قصف مستشفى ناصر، قائلاً “فكروا في حجم الضرر المعرفي الذي ألحقه هؤلاء الصحفيون الإرهابيون بإسرائيل”.

ووفقاً لواشنطن بوست، هذا الرأي لا يمثل أقلية في إسرائيل، حيث أظهر استطلاع أن 76% من اليهود الإسرائيليين يوافقون بدرجات متفاوتة على ادعاء أنه “لا يوجد أبرياء في غزة”.

في ظل هذه الظروف المعقدة، يظل السؤال عن كيفية تحقيق العدالة للصحفيين الفلسطينيين معلقاً، مما يثير قلقاً واسعاً حول مستقبل حرية الصحافة في المنطقة.

إن التحديات التي تواجه الصحفيين في مناطق النزاع تتطلب تضامناً دولياً أكبر لحماية حقوقهم وضمان سلامتهم أثناء أداء واجبهم المهني.