وزيرة فرنسية: الفنادق الخالية من الأطفال تميز ضدهم

تتواصل فى فرنسا نقاشات سياسية واجتماعية حادة حول مستقبل المنتجعات والفنادق المخصصة للبالغين فقط، إذ يرى بعض المسؤولين الحكوميين أنها تمييزية وتتناقض مع قيم المجتمع الفرنسى، وزيرة الدولة لشؤون الأطفال والأسرة سارة الحائرى شددت خلال مائدة مستديرة عُقدت مطلع هذا العام على أن هذه المنتجعات “ليست جزءا من الثقافة الفرنسية، ولا تعكس فلسفتنا، وليست ما نريد أن يصبح قاعدة فى بلدنا”. الحائرى اعتبرت أن منع الأطفال من دخول الفنادق والمنتجعات لا يقتصر على تقييد حقوقهم المدنية فحسب، بل يستبعد عمليا ذويهم أيضا، وهو ما يخلق انقسامات داخل المجتمع ويفرض ضغوطا كبيرة على الآباء، وأكدت أن هذا الاتجاه قد يجعل بعض الأهل مترددين فى اصطحاب أطفالهم إلى الأماكن العامة، أو يلجؤون إلى شاشات الهواتف لتهدئتهم بدلا من إشراكهم فى الحياة اليومية.

يأتى هذا الجدل فى وقت بدأت فيه شعبية هذه المنتجعات بالارتفاع رغم أنها ما تزال محدودة الانتشار فى فرنسا، وتشير تقديرات إلى أن أقل من 5% من المنتجعات والفنادق الفرنسية تفرض قيودا على الأطفال، مقارنة ببلجيكا حيث يمنع مطعم من كل 10 دخول الأطفال الصغار، كما سبق أن خصصت بعض شركات الطيران مثل “كوريندون” الهولندية أقساما صغيرة خالية من الأطفال على متن بعض الرحلات الطويلة، بحسب fodors.

من جهتها، حذرت الحائرى من أن انتشار هذه الممارسات قد يهدد صورة المجتمع الفرنسى، حيث تقدمت روسينول بمشروع قانون فى مايو الماضى يقترح حظر المنتجعات المخصصة للبالغين فقط، المشروع سيخضع للنقاش والمراجعة داخل مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية، وقد ينتهى الأمر بعرضه على استفتاء شعبى.

لكن النقابات العمالية أبدت رفضها القاطع للمقترح، مؤكدة أن السوق الحالية صغيرة جدا ولا تبرر فرض قيود جديدة على قطاع السياحة، وحذرت من أن ذلك قد يضعف قدرة فرنسا التنافسية عالميا، ويعكس هذا الموقف المخاوف من تأثير أى تشريعات جديدة على جذب السياح، خصوصا فى ظل المنافسة مع دول مثل المكسيك وتايلاند واليونان التى تقدم هذا النوع من الخدمات منذ عقود.

الخلاف لم يتوقف عند فرنسا، بل أثار جدلا واسعا فى أوروبا بين من يرى أن لهم الحق فى أماكن خالية من الأطفال، خصوصا من فقدوا أطفالهم أو لا يستطيعون الإنجاب، وبين آخرين يعتبرون أن للأطفال نفس الحق فى الاستمتاع بالمرافق العامة مثلهم مثل البالغين.

وفى مواجهة هذا الجدل، طرحت الحائرى مقترحا آخر يهدف إلى تشجيع المؤسسات التى تُظهر عناية واضحة بالأطفال، سواء عبر تقديم أسعار خاصة أو تنظيم فعاليات أو إنشاء مرافق مناسبة لمختلف الأعمار، وقالت فى بيان: “إن اختيار العائلات هو صرخة من القلب، نقول لعائلات فرنسا: هنا، لأطفالكم مكان، إن الترحيب بالعائلات ليس تسويقا، بل خيار مجتمعى”

تستمر النقاشات حول هذا الموضوع لتبرز التحديات التي تواجهها المجتمعات الأوروبية في تحقيق توازن بين حقوق الأفراد واحتياجات الأسر. إن فهم وجهات النظر المختلفة قد يسهم في تطوير سياسات أكثر شمولية.

يتطلب هذا الجدل أيضا التفكير في كيفية تعزيز التفاهم والتعاون بين مختلف الفئات الاجتماعية. إن الحوار البناء والمفتوح يمكن أن يسهم في إيجاد حلول تلبي احتياجات الجميع.