
على مدار أشهر، بدا أن الاقتصاد الأمريكى يتكيف مع الآثار المضطربة لسياسات الهجرة والتجارة الخاصة بالرئيس دونالد ترامب. لكن على مدار 72 ساعة، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست، فقد أصبحت هذه التوقعات المتفائلة قاتمة، بعد أن أظهرت أحدث بيانات حكومية أن سياسة ترامب لإعادة التشكيل الثورية لأكثر اقتصاد فى العالم قد تلقت ضربة.
فقد كشف تقرير الوظائف المحبط الذى صدر يوم الجمعة عن سوق عمل أضعف بكثير مما يفهمه البيت الأبيض أو الاحتياطي الفيدرالى. فالتضخم، الذى كان ارتفاعه أحد أسباب عودة ترامب إلى البيت البيض، قد أصبح مرتفعا مرة أخرى، ويزداد المستهلكون حذراً فى إنفاقهم.
وبعد أن خاض ترامب حملته الانتخابية متعهداً بتحرير الشركات من القلق بشأن إملاءات واشنطن، جعل ترامب السياسة العامة ــ وسلوكه المخالف للأعراف ــ المتغيرات الأساسية التي تؤثر على الاقتصاد الأمريكي الذي يبلغ حجمه 30 تريليون دولار، حسبما قال خبراء اقتصاديون.
كل هذا يضاف على اقتصاد نما بمعدل سنوي 1.2% خلال النصف الأول من العام، فى تراجع ملحوظ عن معدل 2.4% فى نهاية 2024. كان أن مؤشر S&P 500، الذى كان فى حالة ارتفاع منذ منتصف إبريل، استجاب بفقدان 2.5% من قيمته خلال الأسبوع الماضى.
نقلت واشنطن بوست عن إري وينوجارد، نائب رئيس تحالف بيرنشتاين فى نيوويرك قوله: “إننا نشهد تغيرات دراماتيكية فى السياسة عبر أبعاد متعددة. فقد ورث ترامب اقتصادا كان فى وضع جيد جداً، وكان متوازناً. ويحاول أن ينقله إلى توازن مختلف. وقطاع الشركات والجميع حاليا فى عملية تكيف”
هذا التكيف أصبح أكثر صعوبة يوم الجمعة، عندما أقال ترامب رئيسة مكتب إحصائيات العمل بسبب مزاعم، دون دليل، أنها قد تلاعبت بأرقام تقرير الوظائف الأمريكى للإضرار به سياسياً.
وتقول واشنطن بوست إنه حتى بعد أن أصبح ثمن سياسات ترامب أكثر وضوحا، فإن ما قام به أثار القلق من أن مزاجه المتقلب ربما يسبب مزيد من الضرر الاقتصادى بتقويض ثقة السوق فى البيانات الحكومية التي يحتاجها المستثمرون وقادة الشركات وصناع السياسات من اجل اتخاذ القرارات.
وقالت هيدى شيرهولز، الخبيرة الاقتصادية السابق بوزارة العمل ورئيس معهد السياسة الاقتصادية حاليا، إن إقالة محلل لا ينتمى لحزب بسبب تقديم “أخبار سيئة” جزء من التقاليد الاستبدادية. وأضافت أنه لو لم يستطع صناع القرار والرأى العام الثقة فى البيانات، أو الاشتباه بأن البيانات تم التلاعب بها، فإن الثقة ستنهار وتصبح عملية اتخاذ القرار الاقتصادية المنطقية مستحيلة، مشبهة الأمر بقيادة السيارة وأنت معصوب العينين.
قد تكون هذه اللحظات الصعبة اختباراً حقيقياً لقيادة ترامب، حيث يتعين عليه أن يوازن بين المصالح السياسية والاقتصادية. التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي قد تتطلب استجابة استراتيجية تتجاوز السياسات الحالية.
في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال حول كيفية استجابة السوق والمستثمرين لهذه التغيرات. إن الحفاظ على الثقة في البيانات الاقتصادية سيكون عنصراً حاسماً في تحديد المسار المستقبلي للاقتصاد الأمريكي.
- نيويورك تايمز: المستهلكون الأمريكيون يشعرون بآثار الرسوم الجمركية
- إزالة الإشارة إلى محاولات عزل ترامب في تاريخ الرئاسة الأمريكية
- واشنطن بوست تكذّب ترامب: 3 ملايين دولار مساعدات أمريكا لغزة وليس 60
- "اذهب إلى الجحيم".. تراشق بين ترامب وزعيم الديمقراطيين بالشيوخ
- احتجاجات فى البرازيل ضد ترامب رفضا للرسوم الجمركية
التعليقات