أطلقت المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها والمفوضية الأوروبية مبادرة جديدة تحمل اسم “الشراكة لتسريع اختبارات وجدولة جدري القردة في إفريقيا” (PAMTA)، في خطوة مهمة تهدف إلى تعزيز قدرات القارة الإفريقية على مواجهة تفشي مرض جدري القردة وتحسين الاستعداد طويل الأمد للأوبئة.
وتعد المبادرة أول مشروع مشترك يتم توقيعه رسميًا بين المفوضية الأوروبية والمراكز الافريقية، تأتي ضمن برنامج “EU4Health” لعام 2024، بتمويل قدره 4ر9 مليون يورو يوجه لصالح المراكز الافريقية والجمعية الإفريقية لطب المختبرات (ASLM)، وتدار من قبل وكالة الصحة والتنمية الرقمية الأوروبية (HaDEA)، وبدأ تنفيذ المشروع رسميًا في الأول من يونيو 2025 ويستمر لمدة ثلاث سنوات.
وتهدف المبادرة إلى تسريع وتوسيع نطاق اختبارات جدري القردة في الدول الإفريقية، من خلال دعم إجراء أكثر من 150 ألف اختبار، بالإضافة إلى تقوية قدرات التسلسل الجيني لتعقب تطور وانتشار الفيروس، كما تركز على تدريب الكوادر الصحية في مجالات التشخيص الجزيئي، والجينوميات، والمعلوماتية الحيوية، وتحليل البيانات، إلى جانب دعم تطوير وإنتاج مجموعات اختبار محلية الصنع داخل القارة الإفريقية لتعزيز الابتكار الصحي والاستقلالية التشخيصية.
ورحب المدير العام لمراكز إفريقيا لمكافحة الأمراض، الدكتور جان كاسيا، بالمبادرة باعتبارها تدخلًا استراتيجيًا في الوقت المناسب لسد فجوة التشخيص في إفريقيا. وقال إن هذه الشراكة تعكس التزام المركز ببناء أنظمة صحية مرنة تعتمد على الذات، وتُعد نموذجًا للتعاون الفعّال مع الاتحاد الأوروبي في تحسين قدرات الكشف والاستجابة للأوبئة.
ومن جانبه، أكد لوران موشيل، نائب رئيس وحدة الطوارئ الصحية في المفوضية الأوروبية، أن هذه المبادرة تمثل نقلة نوعية في التعاون الصحي الإفريقي الأوروبي.
وأوضح أن المبادرة تمثل امتدادًا لتبرع وحدة الطوارىء الصحية بالمفوضية الاوروبية السابق بلقاحات جدري القردة، وتركّز حاليًا على بناء قدرات التشخيص كجزء من نهج شامل يشمل اللقاحات والتصنيع المحلي والابتكار.
وشدد على أن هذا التعاون يعكس التزامًا مشتركًا من الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي لحماية الأرواح وتعزيز الاستعداد الصحي.
وتندرج هذه المبادرة ضمن جهود أوسع يبذلها الاتحاد الأوروبي وشركاؤه لمواجهة تفشي جدري القردة في إفريقيا، وبحلول منتصف عام 2025، تم توزيع أكثر من 600 ألف جرعة لقاح على عدد من الدول الإفريقية، بفضل شراكة وحدة الطوارىء بالمفوضية الاوروبية وفريق أوروبا (Team Europe).
وفي الوقت نفسه، تواصل مبادرات بحثية مثل MPX-RESPONSE وEDCTP3 العمل على تطوير خيارات علاجية جديدة للمرض.
كما تستفيد إفريقيا من برنامج الجينوميات الممرضة (PGI)، الممول أيضًا من EU4Health، والذي يعمل على تعزيز شبكات المختبرات الوطنية وقدرات المراقبة الجينية في القارة من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص.
وتمثل هذه المبادرة بين المراكز الافريقية والمفوضية الأوروبية محطة محورية في مسار بناء أنظمة صحية مرنة في إفريقيا، وتُعد خطوة ملموسة نحو تعزيز القدرات المحلية في التشخيص والتصنيع والبحث، ومن خلال هذا التعاون، تضع إفريقيا والاتحاد الأوروبي معًا حجر الأساس لاستجابة وبائية أكثر فعالية واستدامة في المستقبل.
إن تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية والمفوضية الأوروبية يعد خطوة استراتيجية نحو تحقيق الأمن الصحي في القارة. من خلال هذه المبادرة، يمكن للدول الإفريقية أن تتطلع إلى مستقبل أكثر أمانًا وصحة.
كما أن تطوير القدرات المحلية في مجال البحث والتطوير يسهم في بناء بيئة صحية مستدامة، مما يعزز من قدرة القارة على مواجهة التحديات الصحية المستقبلية.