رغم بُعد المسافات، لبّى المصريون في الخارج نداء الوطن، وشاركوا بفاعلية في انتخابات مجلس الشيوخ 2025، في تأكيد واضح أن الانتماء لا تحدّه حدود، واضعين في صناديق الاقتراع رسالة وفاء وشهادة انتماء صادقة، تعبّر عن وعيهم الوطني وحرصهم المستمر على دعم مسيرة الديمقراطية في وطنهم الأم.
وجسدت مشاركة المصريين في الخارج صورة واضحة من صور المواطنة، حيث توافدوا على مقار التصويت التي وفرتها السفارات والقنصليات في مختلف الدول، حاملين معهم روح المسؤولية والإصرار على أن يكون لهم صوت في صنع القرار والمساهمة في بناء مستقبل وطنهم، حتى وإن كانوا على بعد آلاف الأميال.
وقد تواصلت وكالة أنباء الشرق الأوسط مع عدد من أبناء الجاليات المصرية حول العالم لرصد سير العملية الانتخابية بالخارج، حيث عبّر المصريون المشاركون في التصويت بانتخابات مجلس الشيوخ عن تقديرهم العميق للاهتمام غير المسبوق الذي أولته لهم الدولة المصرية خلال العقد الأخير، وأكدوا أن مصر حرصت على تمكينهم من ممارسة حقهم الدستوري والمشاركة في مختلف الاستحقاقات الوطنية.. مشددين على أنهم لن يترددوا في تلبية نداء الوطن في أي وقت، إيماناً بدورهم الوطني ومسؤوليتهم تجاه وطنهم الأم.
وفي السياق، قال محمد عبدالرازق، عضو مجلس إدارة صندوق التكافل المصري بالإمارات، إن المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 تمثل واجبًا وطنيًا على كل مصري، سواء في الداخل أو الخارج.
وأضاف عبدالرازق – عقب الإدلاء بصوته في البعثة المصرية بدبي – “الاستحقاقات الانتخابية تمثل فرصة لنا كمصريين في الخارج لنثبت أن مصر في قلوبنا، حتى وإن كنا بعيدين عن حدودها الجغرافية فعلينا أن نمارس حقنا الدستوري ونشارك بإيجابية في رسم مستقبل الوطن”.
وثمّن الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئة الوطنية للانتخابات والقنصلية المصرية بدبي والسفارة المصرية بأبوظبي في تنظيم وتيسير إجراءات التصويت للمصريين المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة.. معرباً عن ثقته في أن هذه الاستحقاقات الانتخابية ستُظهر مرة أخرى مدى وعي المصريين بالخارج وإصرارهم على دعم وطنهم الأم.
ومن الإمارات إلى ألمانيا، حيث أكد الدكتور ماجد سعد، رئيس المنظمة المصرية الألمانية بمدينة فرانكفورت أن أبناء الجالية المصرية في الخارج، خاصة في أوروبا، يحرصون على المشاركة الفعالة في الاستحقاقات الانتخابية، باعتبارها مكسباً وطنياً يعزز ارتباطهم بوطنهم الأم، ويعكس اهتمام الدولة المصرية بأصواتهم وآرائهم.
وأشار سعد إلى أن أبناء مصر في أوروبا يشعرون بالفخر تجاه جهود الدولة لتعزيز المسار الديمقراطي، وحرصها الدائم على إشراكهم في الحياة السياسية؛ ما يعزز من شعورهم بالانتماء ويزيد من ارتباطهم بقضايا الوطن.
وأشاد رئيس المنظمة المصرية الألمانية بالدعم الكبير الذي توليه القيادة السياسية للمصريين المقيمين بالخارج، وبالمبادرات المتعددة والمتميزة التي أطلقتها الدولة بهدف رعاية وخدمة أبناء الوطن خارج الحدود.
وشدد سعد على أن المصريين بالخارج يمثلون أحد الأعمدة الرئيسة التي يمكن لمصر الاعتماد عليها.. مؤكداً أنهم لن يتأخروا عن تلبية نداء الوطن في أي وقت.
وفي المملكة العربية السعودية، أكد أحمد علي حسن، عضو الاتحاد العام للمصريين بالخارج أن أبناء الجالية المصرية في السعودية يحرصون على المشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية، إيمانًا منهم بأهمية اختيار ممثليهم في المجالس النيابية، وبما يعكس وعيهم وحرصهم على المساهمة في صناعة مستقبل الوطن.
وشدد حسن – عقب إدلائه بصوته في مقر البعثة المصرية بجدة – على أن شعار المصريين في السعودية خلال مختلف الاستحقاقات الوطنية هو “انزل وشارك لبناء الجمهورية الجديدة”.. مشيدًا بالقيادة الرشيدة التي تتولى إدارة شؤون البلاد.
وأشار إلى الأجواء الإيجابية والتنظيم النموذجي الذي يشهده مقر الانتخابات في القنصلية المصرية بجدة، من حيث سلاسة إجراءات التصويت، وتوفير أماكن انتظار مكيفة لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب تجهيز ممرات مظللة لتسهيل دخول المواطنين، بما يضمن راحة الناخبين وسرعة العملية الانتخابية.. وأشاد بجهود الدولة المصرية وحرصها على رعاية أبنائها في الخارج وتوفير كل سبل الدعم والمساندة لهم.
فيما أكد الدكتور محمود السلاموني، رئيس بيت العائلة المصرية في هولندا أن المصريين في الخارج يتمتعون بوعي كامل بحقوقهم الدستورية، ولا يتأخرون عن تلبية نداء الوطن.. مشددًا على أن مشاركتهم الفعالة في الاستحقاقات الوطنية تعكس ارتباطهم الوثيق بمصر وحرصهم على دعم مسيرتها التنموية.
وقال السلاموني إن أبناء الجالية المصرية في هولندا يدركون تمامًا حجم التحديات التي تمر بها البلاد بل والمنطقة بأكملها في هذه المرحلة الدقيقة، وهو ما يدفعهم إلى المشاركة بإيجابية في جهود التنمية ودعم المسار الديمقراطي.
وأضاف أن الأجواء الانتخابية داخل مقر السفارة المصرية في أمستردام تعكس مشاعر الانتماء والفخر الوطني.. مشيرًا إلى أن التنظيم الجيد والإشراف المحكم على عملية الاقتراع يعكس اهتمام الدولة بأبنائها في الخارج.
وتوقع السلاموني أن يشهد يوم غد السبت إقبالاً متزايدًا من أبناء الجالية المصرية على مقار البعثات الدبلوماسية في أوروبا، نظرًا لكونه عطلة نهاية الأسبوع، مما يتيح فرصة أكبر للمشاركة في العملية الانتخابية.
وتتوالى مشاهد الاصطفاف أمام لجان الاقتراع في مختلف دول العالم، لترسم لوحة وطنية رائعة تؤكد أن المصريين في الخارج هم سفراء الانتماء والولاء لوطنهم، كما يأتي حرصهم على المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 ليذكرنا جميعًا بأن الوطن يسكن القلوب قبل الأرض، وأن المواطن الحق لا يتنصل من مسؤوليته، بل يساهم ويشارك في رسم مستقبل بلاده، أينما كان موقعه على خريطة العالم.
ولعل حرص المصريين في الخارج على الإدلاء بأصواتهم لا ينبع من الشعور بالواجب فحسب، بل هو تعبير صادق عن التمسك بالهوية الوطنية، والإيمان بأن المشاركة السياسية ركيزة أساسية من ركائز الاستقرار والديمقراطية.. هؤلاء المواطنون، وإن غادروا أرض الوطن، إلا أن الوطن لم يغادرهم، ويظلون في كل محطة انتخابية يرسلون رسائل واضحة بأن مصر لا تُنسى، وأن صوت المغترب لا يقل أهمية عن صوت المواطن في الداخل.
وتجرى انتخابات مجلس الشيوخ في الخارج يومي 1 و2 أغسطس، فيما يبدأ تصويت الداخل في الانتخابات أيام 4 و5 من الشهر نفسه، على أن تنتهى عملية فرز وتسليم محاضر اللجان العامة وقراراتها بشأن الاعتراضات وإعلان الحصر العددي للأصوات يوم 12 أغسطس.
.
.
.
ومن المقرر بموجب الجدول الزمني لانتخابات مجلس الشيوخ إعلان النتائج بتاريخ 12 أغسطس على أن تستأنف الدعاية الانتخابية بجولة الإعادة في اليوم نفسه.
.
الطعون وجولة الإعادة في انتخابات الشيوخ.. الفترات القانونية والآليات.
وتتلقى الهيئة الوطنية للانتخابات الطعون في قرارات اللجان العامة خلال 48 ساعة من النتيجة بحد أقصى يوم 14 أغسطس. فيما يتم البت في الطعون المقدمة في قرارات اللجان العامة أمام المحكمة الإدارية العليا خلال 10 أيام اعتبارًا من 15 إلى 24 أغسطس.
.
وتبدأ فترة الصمت الدعائي الثاني للإعادة يوم 24 أغسطس، لتنطلق جولة انتخابات الإعادة في يوم 25 و26 في الخارج، على أن تبدأ جولة الإعادة لانتخابات مجلس الشيوخ في الداخل في أيام 27 و28 من الشهر نفسه.
.
وتعلن النتيجة النهائية للانتخابات ونشرها في الجريدة الرسمية يوم 4 سبتمبر القادم.
عندما يتحدث المصريون في الخارج، يعبرون عن طموحاتهم وآمالهم في وطنهم، وهذا يعكس قوة الروابط التي تربطهم بمصر. إنهم يسعون دوماً للمساهمة في بناء مستقبل أفضل، حيث لا يقتصر دورهم على التصويت فقط، بل يتعدى ذلك إلى التأثير في قضايا وطنهم من خلال مشاركتهم الفعالة في الحياة السياسية.
كما أن هذه المشاركة تعكس رغبتهم في أن يكون لهم دور فعّال في تشكيل السياسات التي تؤثر على حياتهم وحياة الأجيال القادمة. إنهم مثال حي على أن الانتماء للوطن لا يعرف المسافات، بل يتجسد في كل فعل إيجابي يتخذونه.