
تعتبر آلية مبادلة الديون وسيلة فعالة لزيادة التمويل المتاح للمشروعات التنموية من خلال توقيع اتفاقيات يتم بموجبها مبادلة جزء من الديون المستحقة للدول التي تعتبر شركاء في التنمية، بهدف تخفيف عبء الديون الخارجية، وتحقيق التنمية المستدامة عبر تمويل المشروعات ذات الأولوية، ودعم جهود تحقيق الهدف السابع عشر من أهداف التنمية المستدامة وهو “عقد الشراكات لتحقيق الأهداف”، ووفقًا للآلية يتم استخدام مقابل الديون بالعملة المحلية في تمويل مشروعات تنموية متفق عليها بين الطرفين.
.
ومع تصاعد الأزمات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الدول النامية والاقتصادات الناشئة، ارتفعت المطالبات الدولية بضرورة التوسع في آلية مبادلة الديون مع هذه الدول، خصوصًا مبادلة الديون من أجل العمل المناخي، لدعم جهود الدول في تعزيز التنمية والعمل المناخي والتوسع في مشروعات التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، وتعزيز قدرتها على الصمود.
تعتبر وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي الجهة المعنية بتعزيز الجهود المشتركة مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، والإشراف على برامج مبادلة الديون من أجل التنمية.
على مدار العشرين عامًا الماضية، حققت الحكومة المصرية نجاحًا في تنفيذ برنامج مبادلة الديون مع الحكومتين الإيطالية والألمانية، ولديها خبرات واسعة في حوكمة هذه البرامج لتحقيق أقصى استفادة منها، وذلك استباقًا للتوصيات الصادرة عن المحافل الدولية التي تؤكد على أهمية مبادلة الديون كأداة مبتكرة لهيكلة النظام المالي العالمي، وتحقيق التنمية في الدول النامية.
برنامج مبادلة الديون مع إيطاليا:
ترتبط مصر وإيطاليا بعلاقات قوية منذ سبعينيات القرن الماضي، وبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج مبادلة الديون من أجل التنمية مع إيطاليا في عام 2001، ومن خلالها تم تنفيذ 54 مشروعًا، ثم المرحلة الثانية التي تم توقيعها عام 2007 وشهدت تنفيذ 32 مشروعًا، وأخيرًا المرحلة الثالثة والأخيرة عام 2012 حيث يتم تنفيذ عدد من المشروعات؛ وتبلغ إجمالي المراحل الثلاث نحو 350 مليون دولار؛ من خلالها تم تنفيذ العديد من المشروعات.
كما تم توقيع اتفاق مد العمل بالشريحة الثالثة حتى عام 2024 مع السفير الإيطالي لتنفيذ العديد من المشروعات؛ ويأتي على رأس هذه المشروعات، في قطاع الأمن الغذائي، مشروع “إنشاء صوامع حقلية ونظام تكنولوجيا المعلومات لإدارة القمح” بقيمة 416.7 مليون جنيه، والمرحلة الثانية من مشروع “تنمية الاستزراع السمكي في مصر” بقيمة 138.9 مليون جنيه، وفي قطاع البيئة، تمويل المرحلة الثالثة من مشروع “إدارة المخلفات الصلبة بمحافظة المنيا” بقيمة 70.5 مليون جنيه.
تتم إدارة برنامج مبادلة الديون مع إيطاليا من خلال هيكل حوكمة يضمن التنفيذ الأمثل للاتفاقات وتحقيق الاستفادة القصوى، وذلك برئاسة وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والسفارة الإيطالية من خلال لجنة لإدارة المقابل المحلي للديون برئاسة وزارة التعاون الدولي والسفير الإيطالي، واختيار المشروعات وفقًا للأولويات الوطنية، ووحدة للدعم الفني لمتابعة تنفيذ المشروعات، بالإضافة إلى اجتماعات سنوية لاعتماد قرارات مبادلة الديون.
برنامج مبادلة الديون مع ألمانيا:
بدأ برنامج مبادلة الديون مع ألمانيا في عام 2011 بقيمة 240 مليون يورو، وحتى الآن تم تنفيذ العديد من المشروعات، منها التغذية المدرسية: لصالح وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي، ودعم جودة التعليم “المرحلة الأولى” لصالح وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وإعادة تأهيل المحطات الكهرومائية: لصالح وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، ومشروع الحد من التلوث البيئي الناتج عن محطات التوليد الحرارية “المرحلة الثالثة”: لصالح وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، ومشروع قناطر أسيوط ومحطات توليد الكهرباء: لصالح وزارتي الكهرباء والطاقة المتجددة والموارد المائية والري، ومشروع تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي “المرحلة الثانية”: لصالح وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.
كذلك تشمل المشروعات مشروع دعم جودة التعليم “المرحلة الثانية” لصالح وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، ومشروع الاستثمار في رأس المال البشري في المناطق الريفية في صعيد مصر، ومشروع تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي “المرحلة الأولى”، والدعم المالي لمبادرة التعليم الفني الشامل بمصر.
ومن المقرر في الفترة المقبلة تفعيل شريحة جديدة بقيمة 100 مليون يورو بواقع 50 مليون يورو سيتم تفعيلها في شهري ديسمبر 2025 ويونيو 2026، و50 مليون يورو أخرى يجري الانتهاء من الإجراءات الخاصة بها.
تتم إدارة برنامج مبادلة الديون مع ألمانيا من خلال هيكل حوكمة يضمن التنفيذ الأمثل للاتفاقات وتحقيق الاستفادة القصوى، وذلك من خلال قيام الوزارة بالتنسيق مع الجانب الألماني بشأن المشروعات، والتفاوض مع بنك التعمير الألماني والجهات الوطنية المستفيدة، وإنهاء التفاصيل الفنية والاتفاق التمويلي.
مبادلة الديون مع الصين:
تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال مبادلة الديون من أجل التنمية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية الصين الشعبية؛ وتهدف مذكرة التفاهم إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مبادلة الديون من أجل تنفيذ مشروعات تنموية، وشهدت الأيام القليلة الماضية توقيع الاتفاق الإطاري للمرحلة الأولى لمبادلة الديون من أجل تنفيذ مشروعات تنموية بين مصر والصين، وهو ما يأتي تفعيلًا لمذكرة التفاهم التي سبق وأن تم توقيعها في أكتوبر 2023، حيث تعتبر مصر هي الدولة الأولى التي توقع معها الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي مثل هذا النمط من التمويل التنموي.
تسعى الحكومة المصرية إلى توسيع نطاق الشراكات مع دول أخرى في مجالات التنمية المستدامة، مما يسهم في تحقيق أهدافها التنموية. كما أن هناك خططًا مستقبلية لزيادة التعاون مع المنظمات الدولية لتعزيز القدرات المحلية وتلبية احتياجات المواطنين بشكل أفضل.