الأقسام: مصر

حازم الجندي: التحول الجذري في الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية تتويج للجهود الدبلوماسية المصرية


أكد المهندس حازم الجندي عضو مجلس الشيوخ، أن إعلان بريطانيا استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل وتصريحات كير ستارمر، يمثل تحولا جذريا في الموقف الأوروبي والدولي من القضية الفلسطينية، بعد سنوات طويلة من الصمت أو الانحياز غير المشروط لإسرائيل، مشيرا إلى أن تصريحات وزير الخارجية البريطاني التي وصف فيها رفض حكومة نتنياهو لحل الدولتين بأنه “خطأ أخلاقي واستراتيجي”، تعكس وعيا متزايدا لدى القوى الغربية بأن دعم الاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار.


وقال الجندي، إن  استحضار الوزير في كلمته لإعلان بلفور، ووصفه بأنه “وعد لم ينص على المساس بالحقوق الثابتة للفلسطينيين”، يحمل اعترافا ضمنيا بمسؤولية تاريخية يتحتم على بريطانيا معالجتها بشكل عملي، مشيرا  إلى أن الموقف البريطاني ومن قبله الموقف الفرنسي الداعم للحق الفلسطيني إلى جانب رفض هولندا مؤخرًا، استقبال أحد وزراء حكومة نتنياهو، كلها مؤشرات على تبدل المزاج السياسي الدولي، وارتفاع كلفة التواطؤ مع الاحتلال، في وقت أصبح فيه الرأي العام العالمي أكثر وعيا بحقيقة ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، لا سيما في قطاع غزة، من إبادة ممنهجة واستهداف للمدنيين والأطفال والمنشآت الإنسانية.


وأكد عضو مجلس الشيوخ ، أن هذه التطورات الإيجابية لم تأتِ من فراغ، وإنما نتيجة جهد دبلوماسي مصري شاق، بدأ منذ الساعات الأولى للعدوان في أكتوبر الماضي، حيث قادت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحركا دؤوبا من أجل وقف الحرب، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، ومنع تهجير الفلسطينيين قسرا، وهو ما كان سيعني تصفية كاملة للقضية، لافتا إلى أن الرئيس السيسي كان أول من عبر صراحة عن رفض سيناريو التهجير، بل إن مصر واجهت ضغوطا هائلة من بعض القوى الدولية، لكنها تمسكت بمبادئها، مستندة إلى شرعيتها التاريخية والدور المحوري الذي لعبته في كل مراحل النزاع العربي الإسرائيلي.


وأوضح الجندي، أن ما تقوم به مصر من حشد للدعم الدولي، وتأكيدها على أن الحل العادل يقوم على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، قد وضع كثيرًا من العواصم الكبرى أمام مسؤوليتها الأخلاقية والتاريخية، معتبرا أن التغير في الخطاب الأوروبي تجاه إسرائيل، والانتقادات المباشرة لسياسات حكومة نتنياهو، يشير إلى تصدع حقيقي في جدار الدعم التقليدي للاحتلال، كما أن طرح ملفات مثل الاستيطان، وضم الضفة الغربية، ورفض التعامل مع وزراء الحكومة المتطرفة في إسرائيل، يرسخ قناعة دولية بأن الاستمرار في دعم الاحتلال لا يمكن أن يتماشى مع القيم الديمقراطية والإنسانية التي تدّعيها تلك الدول.


وشدد النائب حازم الجندي، على أن ما وصف رئيس الوزراء البريطاني بـ”الكارثة في غزة”، هو وصف دقيق يعكس المأساة الإنسانية اليومية، ويؤكد فشل العالم في كبح جماح آلة الحرب الإسرائيلية، ومن هنا فإن موقف مصر – الذي يقوم على المبادرة والتحرك السياسي والمساعدات والتنسيق العربي والدولي – كان عاملا حاسما في إعادة تسليط الضوء على جوهر القضية، بعد أن حاولت بعض الأطراف طمسها وتحويلها إلى مجرد أزمة إنسانية، مشددا على أن ما يحدث اليوم هو لحظة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية، تتطلب من المجتمع الدولي الإسراع بخطوات الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين دون قيد أو شرط، وفرض حل الدولتين كخيار وحيد لإنهاء الصراع، وضمان استقرار وأمن المنطقة بأسرها.


تتطلب هذه المرحلة من المجتمع الدولي الالتزام بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان، من خلال دعم الجهود الرامية لتحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، كما يجب على الدول الكبرى أن تعيد النظر في سياساتها تجاه القضية الفلسطينية لضمان تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.


إن الوعي المتزايد لدى الشعوب والدول حول أهمية القضية الفلسطينية يعكس رغبة حقيقية في تحقيق التغيير، وهذا يتطلب تعاوناً دولياً فعالاً يسهم في إيجاد حلول مستدامة تعزز من حقوق الفلسطينيين وتضع حداً للمعاناة المستمرة التي يعيشونها.